هذه بعض المواقف من حياة الحبيب محمداً (صلى الله عليه وسلم) الغنية بالمواقف العظيمة .. المواقف الحانية .. المواقف العبقرية .. المواقف التى يجب أن نتخذها قدوة فى جميع حياتنا وأحوالنا فنحيا معها عسى أن يهدنا الله بها إلى خير الدّارين (الدنيا والآخرة).. فدعوة لنا جميعاً حتى نعود لقدوتنا وسيدنا رسول الله فنرى كم لاقى من الأذى والآلام حتى نصبح مسلمون ولنرى بعض معجزاته حتى يعى كل قلباً ويفتح الآذان له بأنه (صلى الله عليه وسلم ) نبى الله وخاتم الرسل وكما قال هو وصدق عن نفسه واخبر يوم حنين (أنا النبى لا كذب أنا بن عبد المطلب) صدقت يا حبيبى يا سيدى يا رسول الله.
ستكون هنا موسوعة شاملة وغنية بمواقف عاشها حبيبنا وسيدنا محمد عليه افضل الصلاة وازكى السلام
الموقف الاول
ابن صـــــوريا
أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهود فقال : أخرجوا أعلمكم فقالوا : عبد الله بن صوريا فخلا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فناشده بدينه وما أنعم الله به عليهم وأطعمهم من المن والسلوى وظللهم به من الغمام أتعلمني رسول الله ؟ قال : الله نعم وإن القوم ليعرفون ما أعرف وأن صفتك ونعتك لمبين في التوراة ولكنهم حسدوك .قال فما يمنعك أنت : قال: أكره خلاف قومي وعسى أن يتبعوك ويسلموا فأسلم .
أحــــرج ساعــــة
بعد سقوط ابن السكن بقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى القرشيين فقط , ففى الصحيحين عن أبى عثمان قال : لم يبق مع النبى - صلى الله عليه وسلم - فى بعض تلك الأيام التى يقاتل فيهن غير طلحة بن عبيد الله وسعد بن أبى وقاص , وكانت أحرج ساعة بالنسبة إلى حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , وفرصة ذهبية بالنسبة إلى المشركين , ولم يتوان المشركون فى انتهاز تلك الفرصة , فقد ركزوا حملتهم على النبى - صلى الله عليه وسلم - وطمعوا فى القضاء عليه , رماه عتبة بن أبى وقاص بالحجارة فوقع لشقه , وأصيبت رباعيته اليمنى السفلى وكلمت شفته السفلى , وتقدم إليه عبد الله بن شهاب الزهرى , فشجه فى جبهته , وجاء فارس عنيد هو عبد الله بن قمئة فضرب على عاتقه بالسيف ضربة عنيفة , شكا لأجلها أكثر من شهر , إلا أنه لم يتمكن من هتك الدرعين , ثم ضرب على وجنته - صلى الله عليه وسلم - ضربة أخرى عنيفة كالأولى , حتى دخلت حلقتان منحلق المغفر فى وجنته , وقال : خذها وأنا ابن قمئة . فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يمسح الدم عن وجهه : أقمأك الله .
وفى الصحيح أنه - صلى الله عليه وسلم - كسرت رباعيته , وشج فى رأسه , فجعل يسلت الدم عنه ويقول : كيف يفلح قومٌ شجوا وجه نبيهم , وكسروا رباعيته وهو يدعوهم إلى الله , فأنزل الله عز وجل : {ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون }.
فأما سعد بن أبى وقاص , فقد نثل له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كنانته , وقال : ارم فداك أبى وأمى . ويدل على مدى كفاءته أن النبى - صلى الله عليه وسلم - لم يجمع أبويه لأحد غير سعد .
ولما تجمع المشركون حول الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومعه نفر من الأنصار . قال جابر : فأدرك المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : من للقوم , فقال طلحة : أنا , ثم ذكر جابر تقدم الأنصار , وقتلهم واحداً بعد واحد بنحو ما ذكرنا من رواية مسلم , فلما قتل الأنصار كلهم تقدم طلحة , قال جابر ثم قاتل طلحة قتال الأحد عشر حتى ضربت يده فقطعت أصابعه , فقال : حسن , فقال النبى - صلى الله عليه وسلم - لو قلت : بسم الله لرفعتك الملائكة والناس ينظرون , قال : ثم رد الله المشركين .
وللحديث بقية
اذهبوا فأنتم الطلقاء
لقد انتظر أهل مكة الذين كفروا بالله وأخرجوا رسوله وحاولوا قتله وآذوه وآذوا أصحابه وحاربوهم انتظروا جميعا بعد فتح مكة أقل شىء منه وهو أسرهم مثلا وإن اقتص لقتلاه ولبعض ما فعلوه معه فسوف يقتلهم أو يصلبهم أو يعذبهم ولكن الكريم لا يفعل إلا ما يليق به فلما فتح الله عليه مكة قال لقريش:"ما تظنون أنى فاعل بكم؟ "قالوا: خيرًا أخ كريم وابن أخ كريم ، فقال: "اذهبوا فأنتم الطلقاء، لا تثريب عليكم اليوم، يغفر الله لى ولكم".
******************************************
أسئلــــة وشبــــه
كان هؤلاء اليهود( فى إرهاقهم النبى - صلى الله عليه وسلم - وإعناته بالأسئلة وإثارة الشبه) على غاية من المكر واغتنام الفرص التى يظنون أنها تشد من باطلهم.فحاولوا( مرة) أن ينزعوا من النبى - صلى الله عليه وسلم - على حين غفلة- شهادة بأنهم على الحق بنص القرآن، فتقدموا اليه - صلى الله عليه وسلم - بهذا السؤال فقالوا.. يا محمد، ألست تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه وتؤمن بما عندنا من التوراة، وتشهد أنها من الله حق؟ قال.. بلى، ولكنكم أحدثتم وجحدتم ما فيها مما أخذ الله عليكم من الميثاق فيها، وكتمتم منها ما أمرتم أن تبينوه للناس، فبرأت من إحداثكم، فقالوا( والمغالطة تقودهم) فإنا نأخذ أيدينا. فإنا على الهدى والحق، ولا نؤمن بك ولا نتبعك، فأنزل الله تعالى فيهم.
" قل يا أهل الكتاب لستم على شىء حنى تقيموا التوراة والإنجيل، وما أنزل إليكم من ربكم، وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغياناً وكفراً، فلا تأس على القوم الكافرين".
***********************************************
أفرغت يا أبا الوليد
جاء عتبة بن ربيعة زعيم بنى أمية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتى عرض فيها عروضًا ظنوها مغرية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن كنت تريد مالاً أعطيناك، وإن كنت تريد سيادة سودناك علينا إلى آخر ما قالوا صمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليسمع إلى عتبة، حتى إذا فرغ عتبة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستمع منه، قال: "أفرغت يا أبا الوليد؟" قال: نعم، قال: "أو تسمع منى؟" قال: أفعل فقال: "بسم الله الرحمن الرحيم. حم تنزيل من الرحمن الرحيم. كتاب فصلت آياته قرآنًا عربيًا لقوم يعلمون، بشيرًا ونذيرًا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون " الآيات.
فلما سمعها عتبة أنصت لها وألقى ظهره معتمدًا عليها يسمع منه، ثم انتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى السجدة منها فسجد، ثم قال: سمعت يا أبا الوليد ما سمعت فأنت وذاك. فقام عتبة إلى أصحابه فمدح القرآن ودافع عن النبى بعض الشىء .
ألا ما أحلمك يا رسول الله
أعرابى جاء إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - يطلب منه شيئًا فأعطاه: ثم قال له: "أحسنت إليك؟" قال الأعرابى:لا أحسنت ولا أجملت.
فغضب المسلمون وقاموا إليه ،وكادوا أن يوقعوا بالرجل فأشار إليهم عليه الصلاة والسلام أن كفوا ، ثم قام ودخل منزله، وأرسل إليه - صلى الله عليه وسلم - وزاده شيئًا ثم قال: "أحسنت إليك؟" قال: نعم فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرًا،
فقال له النبى - صلى الله عليه وسلم - :"إنك قلت ما قلت وفى نفس أصحابى من ذلك فإن أحببت فقل بين أيديهم ما قلت بين يدى حتى يذهب ما فى صدورهم عليك".
قال الأعرابى: نعم . فلما كان الغد أو العشى جاء الأعرابى فقال صلوات الله وسلامه عليه:"إن هذا الأعرابى قال ما قال فزدناه، فزعم أنه رضى، كذلك؟" قال الأعرابى: نعم فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرًا.
فقال النبى - صلى الله عليه وسلم - "مثلى ومثل هذا مثل رجل له ناقة شردت عليه فاتبعها الناس فلم يزيدوها إلا نفورًا، فناداهم صاحبها: خلوا بينى وبين ناقتى فإنى أرق بها منكم وأعلم فتوجه لها بين يديها فأخذ لها من قمام الأرض فردها حتى جاءت واستناخت وشد عليها رحلها واستوى عليها وإنى لو تركتكم حيث قال الرجل ما قال فقتلتموه دخل النار
الإســراء والمعـــراج
أسرى برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المسجد الحرام إلى بيت المقدس , راكباً على البراق , صحبه جبريل عليهما الصلاة والسلام , فنزل هناك , وصلى بالأنبياء إماماً , وربط البراق بحلقة باب المسجد .
ثم عرج به تلك الليلة من بيت المقدس إلى السماء الدنيا , فاستفتح له جبريل , ففتح له , فرأى هنالك آدم أبا البشر , فسلم عليه , فرحب به , ورد عليه السلام , وأقر بنبوته , وأراه الله أرواح الشهداء عن يمينه , وأرواح الأشقياء عن يساره .
ثم عرج به إلى السماء الثانية , فاستفتح له , فرأى فيها يحيى بن زكريا وعيسى بن مريم , فلقيهما وسلم عليهما , فردا عليه , ورحبا به , وأقرا بنبوته .
ثم عرج به إلى السماء الثالثة , فرأى فيها يوسف , فسلم عليه , فرد عليه ورحب به , وأقر بنبوته .
ثم عرج به إلى السماء الرابعة , فرأى فيها إدريس , فسلم عليه , ورحب به , وأقر بنبوته .
ثم عرج به إلى السماء الخامسة , فرأى فيها هارون بن عمران , فسلم عليه , ورحب به , وأقر بنبوته.
ثم عرج به إلى السماء السادسة , فلقى فيها موسى بن عمران , فسلم عليه ورحب به , وأقر بنبوته.
فلما جاوزه بكى موسى , فقيل له : ما يبكيك ؟ فقال : أبكى لأن غلاماً بعث من بعدى يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتى .
ثم عرج به إلى السماء السابعة , فلقى فيها إبراهيم عليه السلام , فسلم عليه ورحب به , وأقر بنبوته.
ثم رفع إلى صدرة المنتهى , ثم رفع له البيت المعمور .
ثم عرج به إلى الجبار جل جلاله , فدنا منه حتى كان قاب قوسين أو أدنى , فأوحى إلى عبده ما أوحى , وفرض عليه خمسين صلاة , فرجع حتى مر على موسى , فقال له : بم أمرك ؟ قال بخمسين صلاة , قال : إن أمتك لا تطيق ذلك , ارجع إلى ربك فسأله التخفيف لأمتك , فالتفت إلى جبريل , كأنه يستشيره فى ذلك , فأشار : أن نعم , إن شئت , فعلا به جبريل حتى أتى به الجبار تبارك وتعالى , وهو فى مكانه هذا لفظ البخارى فى بعض الطرق فوضع عنه عشرا , ثم أنزل حتى مر بموسى فأخبره , فقال : ارجع إلى ربك فسأله التخفيف , فلم يزل يتردد بين موسى وبين الله عز وجل , حتى جعلهما خمسا , فأمره موسى بالرجوع وسؤال التخفيف , فقال : قد استحيت من ربى , سولكنى أرضى وأسلم , فلما بعد ناد مناد : قد أمضيت فريضتى , وخففت عن عبادى .
وقد رأى ضمن هذه الرحلة أموراً عديدة :
عرض عليه اللبن والخمر , فاختار اللبن , فقيل هديت الفطرة أو أصبت الفطرة , أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك .
ورأى أربعة أنهار فى الجنة : نهران ظاهران , ونهران باطنان , والظاهران هما النيل والفرات , ومعنى ذلك أن رسالته ستتوطن الأودية الخصبة فى النيل والفرات , وسيكون أهلها حملة الإسلام جيلاً بعد جيل , وليس معناه أن مياه النهرين تنبع من الجنة .
ورأى مالك خازن النار , وهو لا يضحك , وليس على وجهه بشر وبشاشة , وكذلك رأى الجنة والنار .
ورأى أكلة أموال اليتامى ظلماً لهم مشافر كمشافر الإبل , يقذفون فى أفواههم قطعاً من نار كالأفهار , فتخرج من أدبارهم .
ورأى أكلة الربا لهم بطون كبيرة , لا يقدرون لأجلها أن يتحولوا عن مكانهم ويمر بهم آل فرعون حين يعرضون على النار فيطأونهم .
ورأى الزناة بين أيديهم لحم سمين طيب إلى جنبه لحم غث منتن يأكلون من الغث المنتن , ويتركون الطيب السمين .
ورأى النساء اللاتى يدخلن على الرجال من ليس من أولادهم , رآهن معلقات بثديهن .
ورأى عيراً من أهل مكة فى الذهاب والإياب , وقد دلهم على بعير ندّ لهم , وشرب ماءهم من إناء مغطى وهم نائمون , ثم ترك الإناء مغطى , وقد صار ذلك دليلاً على صدق دعواه فى صباح ليلة الإسراء .
فلما أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى قومه أخبرهم بما أراه الله عز وجل من آياته الكبرى , فاشتد تكذيبهم له وأذاهم واستضرارهم عليه , وسألوه أن يصف لهم بيت المقدس , فجلاه الله له , حتى عاينه , فطفق يخبرهم عن آياته , ولا يستطيعون أن يردوا عليه شيئاً , وأخبرهم عن غيرهم فى مسراه ورجوعه , وأخبرهم عن وقت قدومها , وأخبرهم عن البعير الذى يقدمها وكان الأمر كما قال , فلم يزدهم ذلك إلا نفورا , وأبى الظالمون إلا كفورا .
يقال سمى أبو بكر رضى الله عنه صديقاً , لتصديقه هذه الوقعة حين كذبها الناس